مخاوف بشأن تمثيل الأقليات في أول برلمان سوري بعد الأسد
تتزايد المخاوف بين الأقليات في سوريا مع قرب تشكيل أول برلمان بعد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد. تجري عملية اختيار الأعضاء من قبل هيئات ناخبة شكلتها لجنة الانتخابات المعينة من قبل الرئيس المؤقت أحمد الشرع، مما يثير انتقادات حول مصداقية العملية.
آلية الاختيار والانتقادات المصاحبة
يقول منتقدون إن عملية الاختيار تفتقر إلى المصداقية والشرعية. ترد الدولة بأن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وغياب الأوراق الثبوتية للكثير من السوريين، بالإضافة إلى أعداد كبيرة من النازحين، هي ما دفعتها إلى اعتماد هذه الآلية بدلاً من الانتخابات المباشرة.
في أحد مقاهي دمشق، عبر مواطنون سوريون عن آراء متباينة حول تشكيل مجلس النواب الجديد. وأشاروا إلى أن مجرد الجلوس ومناقشة الشأن السياسي بحرية هو أمر لم يكن ممكناً في السابق.
"إذا أردت إجراء هذا اللقاء قبل عام واحد فقط، كنا سنخاف أن نتحدث إليك. فالتصوير في هذا المقهى كان مستحيلا" - قصي حسن
تفاؤل حذر وحاجة للتغيير
على الرغم من أن اختيار أعضاء مجلس النواب لن يجري بالاقتراع المباشر، إلا أن هناك حماساً حذراً إزاء اتخاذ خطوة نحو حياة سياسية أكثر حرية. ويؤكد قصي حسن أن "أي شئ سيكون أفضل مما كنا فيه" في إشارة إلى حكم بشار الأسد، مضيفاً أن النواب في عهد الأسد كانوا "يأتمرون بأوامر الأجهزة الأمنية".
يعين الرئيس المؤقت أحمد الشرع ثلث أعضاء البرلمان الجديد البالغ عددهم 210 أعضاء. أما الباقي فيتم اختيارهم من خلال هيئات ناخبة شكلتها اللجنة التي عينها الرئيس نفسه.
يضيف قصي أن "الفارق بيننا وبين دول العالم في التطور حوالي خمسين عاما"، معرباً عن ثقته في اختيارات الشرع وحاجة سوريا إلى "أن يتصدر صوت الثورة المشهد، خاصة أصوات الشباب."
تثير هذه التصريحات انتقادات، حيث يخشى البعض من هيمنة توجه واحد على البرلمان نظراً لآلية التعيين المباشر أو غير المباشر.
يذكر أن أحمد الشرع كان له ماضٍ جهادي معروف، ولكنه رفع اسمه من قوائم الإرهاب وتم استقباله في مقر الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تحديات التحول الديمقراطي
يرى أحمد صبيح، وهو موظف حكومي، أن إجراء اقتراع مباشر حالياً يواجه مصاعب جمة بسبب أعداد النازحين والدمار الذي لحق بالبنية التحتية. ويؤكد أن التحول الديمقراطي يحتاج إلى وقت ويجب أن يتم بشكل تدريجي.
"بعد سبعين عاما من القمع، لا يمكن أن يصبح الشعب السوري ديمقراطيا بين عشية وضحاها." - أحمد صبيح
مقاعد شاغرة وتهميش الأقليات
ستظل مجموعة من مقاعد البرلمان شاغرة بسبب التوتر الأمني، وتمثل هذه المقاعد طوائف عرقية ودينية تشتكي التهميش. ففي محافظة السويداء حيث يسكن الدروز، لن تجرى الانتخابات بسبب المواجهات الأخيرة بين الدروز وقوات الأمن.
تشعر حنان زهر الدين، وهي من السويداء، بمرارة بعد مقتل ابن عمها في الاشتباكات، وترى أن إجراء أي انتخابات في السويداء حالياً غير ممكن.
"أهل السويداء حاليا يرفضون كل شئ. فالشرخ عميق للغاية ولا أدري إذا كان من الممكن أن يندمل مع مرور الوقت" - حنان زهر الدين
وخلال لقاء مع أحمد زيدان، المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت، قال إن السلطة الانتقالية تريد أن تبعث بلجنة تحقيق للوقوف على ملابسات الاشتباكات، ولكن لن يسمح للجنة بالدخول. يعكس هذا التوتر الكبير ثقة غائبة ما بين الدروز في السويداء والحكومة المركزية في دمشق.
تشكك حنان في قانونية اختيار مجلس النواب برمته: "فغياب مشاركة العديد من الفئات كيف يمكن لها أن تنتج برلمانا صحيا أو قانونيا؟"
غياب التمثيل الكردي
لن تجرى الانتخابات أيضا في العديد من المناطق ذات الأغلبية الكردية في شمال البلاد. فالعلاقة لاتزال متوترة بين المسلحين الأكراد وحكومة دمشق.
يقول مهاباد تزياني، وهو مسؤول بالمجلس الوطني الكردي، إن السلطة الحالية لا تدرك الطبيعة التعددية للمجتمع السوري. ويضيف أن "النهج حاليا هو نهج اللون الواحد والصوت الواحد. ولم يتجاوب معنا أحد ولم يستمع إلينا أحد، ولم يشركنا أحد في أي حوار."
يوضح أحمد زيدان أن الكثير من السوريين لا يملكون أوراقا ثبوتية بسبب التهجير والنزوح: "فلا نعرف عناوين الكثير من الأشخاص، فكيف يمكن لسكان الخيام أن ينتخبوا؟!"